Saturday, 8 September 2007

قوالب السكر

الناقد هو من يتبع الكاتب وليس العكس"
مقولة منطقية، أليس كذلك
لكن توقف معي عند هذه الأسئلة:

عند تقسيم الأعمال الروائية لقصة قصيرة ونوفيلا ورواية..
ما هي الحدود الفاصلة بين كل نوع والآخر؟
هل هو زمن الحدث أم عدد شخصيات القصة أم عدد صفحات النص؟

و خذ عندك هذا السؤال أيضا:

"تماهي الأنواع الأدبية"
يعني أحتواء النص على أكثر من نوع مثل الشعر مع القصة، أو مثل التجارب للقصة الإلكترونية ذات الوسائط المتعددة من الموسيقى للسينما.

كيف يمكن إيجاد تقسيم بين تلك الأنواع هل بنسبة العمل للعنصر الطاغي من وجهة نظرالناقد؟ والله أعلم بمقياسه في ذلك.. فلو تصورنا أن عملا يمزج ما بين القصة والشعر؛ قد تكون نسبة النثر أعلى من الشعر كما، ولكن قد يكون هذا القليل من الشعر هو صاحب الأهمية العظمى في النص، أو.. وهذه هي الحالة الأهم: أن نكون في نطاق الشك فلكل منهما أهميته ودوره بحيث لا تعرف أيهما يطغى على الآخر..

حتى هنا لا توجد مشكلة للمبدع، بل إنني أزعم إن تلك الحالة الكتابية تولد سعادة خاصة له من ناحية أنه قد استطاع التمرد على القواعد والتصنيفات التي تعلمها من المنظرين.

لكن المشكلة تأتي من النقاد أو من بعضهم، فلا يجدوا لهم عمل سوى محاولة تصنيف هذا العمل إما بوضعه في أحد القوالب الجاهزة أو اختراع قالب جديد لتصنيفه..

سأحاول العودة في التاريخ للوصول لأصول الموضوع في الشعر.. مع اعترافي بجهلي في ذلك المضمار، ولكن أخذ المثال في هذه المنطقة ضروري لأنه الفن المرتبط بحضارتنا منذ القدم.

فالشعر العربي قد عاش أحد أزهى عصوره في الفترة الجاهلية، قبل أن يعرفوا علم العروض، بالرغم من أنهم كانوا يتبعونها بالسليقة.

ثم في لحظة بعيدة جدا عن هذا الإبداع أتي الخليل أبن أحمد لكي يكتشف هذه القواعد، فهل ينقص جهل هؤلاء الشعراء بالقواعد من شعرهم؟

بصورة أخرى عندما كان عمرو بن كلثوم يهدر بمعلقته هل كان يضع نصب عينيه تلك القواعد المجهولة؟
قد نقول إنه كان يفعل ما هو اسوء من ذلك بأنه كان يتبع تقاليد شعرية محدودة تقتضي البدأ بالغزل أو بوصف الخمر أو البكاء على الأطلال، ثم الدخول لموضوع القصيدة وغير ذلك من اتباع الشكل العمودي الذي درجوا عليه.

ولكن ما أريد قوله أنه عند تطور الحضارة العربية الإسلامية كانت النتيجة هي أكتشاف قواعد القدماء وكتابتها ثم السير عليها.
وما في ذلك من مشكلة سوى شيئين

الأول:
هو إن ما يبقى هي قيمة النص نفسه وليس الشكل الذي كتب فيه، وللتوضيح السريع: الشعر المترجم.. ماذا يبقى منه بعد الترجمة وقد ازيلت منه الموسيقى وأزيل منه الوعي بالموروث المشترك(بمعنى أنك مهما كتبت للتعريف بمعنى أو قيمة عنترة أو زرقاء اليمامة لن تصل بها لإحساس المتلقي الغربي)
إذا عندما يصلني نص مترجم وكأنه كتب عندي فهذا يعني وجود مشترك إنساني بيني وبين النص وأن هذا نص عابر للقوميات.

الثاني:
هو ما حدث من ترهل بعد ذلك في الشعر في عصور التردي بسبب التنافس على المظهر دون الجوهر. فالنصوص التي درسناها كنماذج لانحطاط الشعر ليست سوى محاولة من أصحابها للمزايدة على الأشكال التقليدية.. بمعنى الصور البراقة والتلاعب بالألفاظ والموسيقى كان هم الشعراء الأول فخرجت براقة أكثر مما ينبغي وجوفاء أكثر مما ينبغي.

وعندما جاء العصر الحديث حدثت صراعات عديدة في فترات زمنية متقاربة جدا لظهور أشكال وقوالب جديدة للشعر.. فنجد أن شخصا واحدا مثل العقاد قد دارت بينه وبين شوقي وجماعة الأحياء معارك ضارية في بداية حياته الأدبية، ثم في آخرها دارت معركة مع شعراء التفعيلة.. الذين سرعان ما قام روادها بمهاجمة شعراء النثر..

وما أعنيه هنا أن القيمة الحقيقة لأي نص وضِع في هذه القوالب تكمن في ذاته وليس في قالبه الذي حتى وإن بدا جذاب ومثير- لحداثة العهد به مثلا – فهذا لايعطيه قيمة إضافية.

مثل السكر لا فارق فيه بين القوالب والحر
المهم هو أصله هل هو سكر قصب أم سكر بنجر(بدون سخرية فسكر القصب أكثر حلاوة)

لا ادري حقيقة ما الذي قادني للحديث عن الشعر بالرغم من إني كنت أنوي الحديث عن النثر أصلا، ولكن ما الفارق بينهما؟
هل يستطيع أحد الإجابة؟


تذييل: أنا أكره هذه المدونة لأنها تريني كم أنا فاشل








3 comments:

إبـراهيم ... said...

وأنا أحب هذه المدونة يا باسم ، لأنها تريني ...كم أنت ...جميـــل

.
.
.
الموضوع ( حاشا العنوان) ...مشكلة ، ويحتاج لدماغ عالية ( نسأل الله أن يفك أسر وليد بيك ) حتى نستفيش في الرد/ الردود عليه ....

.
.
أقول لك ، مش وقته دلوقتي

أعدي عليك تاني ، وابقى فكرني

هدى said...

يمكن عشان اتكلمنا في الموضوع ..ولأني مع نظرية تماهي الاشكال الادبية جدا ..وارفض أن نفتتح قراءتنا للعمل الادبي بالسؤال الغريب ..هو دا قصة ولا شعر ..لاني اؤمن ان الأدب يصل الى غايته في حال كونه جيد ..وليس لانه في قالب ما ..يعني تقريبا نفس الفكرة اللي بتقولها عن السكر

ملحوظة

بحقد عليك انك لقيت سبب لكرهك لمدونتك ..عندي مشاعر متباينة ناحية مدونتي مالهاش تبرير

تحياتي

رضوى داود said...

طب من الاخر كده
بالنسبة لكرهك للمدونة
اصل الموضوع ده مهم بالنسبالي
على عكسك انا بحب مدونتى جدا
و مش عارفه ازاى بعد كل ده تقول

أنا أكره هذه المدونة لأنها تريني كم
أنا فاشل

اختلف معك بشده مش ممكن تكون مدونتك كده لان مش ده اللي بيوصلي على الاقل

ممم
اه اعتقد فهمت تعليقك على نصي اكتر دلوقتي


شكرا ليك

فعلا كنت محتاجه اقرا ده دلوقتى
شكرا تاني