Saturday 19 January 2008

قليل من المهابهارتا


لماذا الأساطير؟
يعتقد البعض أن الأساطير ما هي إلا حكايات خرافية لا طائل من ورائها
ولكن العكس هو الصحيح
الأساطير هي مزيج مدهش من محاولات الإنسان الأولى لتفسير العالم من حوله كيف نشأ وما هي القوى التي أنشأته وتتحكم فيه.. منشأ الإنسان ومنتهاه.. فلسفة حياته ومعناها.. يتجلي فيه فن القصة.. والدراما
باختصار هي خلاصة حياة وفكر الحضارات القديمة

ومن الأشياء المدهشة وجود قصص الأديان السماوية فيها، مما يؤكد تحريف الكثير من هذه الأساطير عن أصل سماوي
فنجد قصة الطوفان موجودة في كل الحضارات القديمة مثل الفرعونية والهندية واليابانية، ولكنها مذكورة بشكل مختلف في كل مرة
قصة ولدي آدم، قابيل وهابيل، موجودة بوضوح في قصة إيزيس وأوزوريس، طبعا مع كثير من التحريف
فكرة الاسم العظم للإله الخالق. موجودة في قصة ايزيس ورع
وغيرها من التفاصيل الكثيرة

غير إني أجد في تلك الأساطير أيضا الكثير من الفن القصصي. بشكل يجعلنا نراجع فكرة أن القصة فن أوروبي
أنا شخصيا أفكر أن القصة هي حاجة انسانية وليست رفاهية او وسيلة للتسلية فقط.. أجد الكثير من الفلسفة العميقة في أجزاء هذه القصص

منها أذكر الآن جزء من المهابهارتا.. أي الروح العظيمة.. وهي من أهم الأساطير الهندية، بالطبع مع الرمايانا

اخترت منها موقف بديع أجده ذروة في الفن القصصي والحكمة والفلسفة
في هذا الجزء حين يتفرق الأخوة من عائلة الباندافا، وهم أحد قطبي القصة، ويتجمعوا ثانية عند بحيرة الموت والحياة
كل منهم يأتي وحده عطشان بعد رحلة مهلكة فتطلب منه البحيرة أن يجيب على اسألتها قبل أن يشرب، فلا يأبه لكلامها، فيشرب ويموت، حتى يأتي يوديشيرا(كبير الباندافا) فيجيب على أسألتها فيشرب ويعود إخوته للحياة
الموقف قصصيا في غاية الروعة
وأترك لكم نص الحوار بين البحيرة و يوديشيرا

يقول الموت ليوديشيرا(كبير الباندافا):

ما علة وجود العالم؟
الحب

ما هو نقيضك؟
نفسي

ما الجنون؟
طريق منسي

والثورة، لما يثور الناس؟
لكي يعثروا على الجمال في الحياة، أو في الممات

ما الذي لا مفر منه لكل منا؟
السعادة

وما هي أغرب العجائب؟
كل يوم يضرب الموت ضحاياه، ومع ذلك نعيش كأننا خالدون. هذه هي أغرب العجائب
.

No comments: