Saturday 30 August 2008

عن البوست اللي فات


ذلك أنه في يوم من الأيام كان هناك طالب أزهري صغير- وفي ذلك الوقت لم يكن هناك من معهد للدرس سوى الأزهر، فلا تحسبن هذا الكلام طعنا فيه – قد زهد العلم لما لاقاه هناك من إغفال الفهم وتقديم الحفظ، وهو الحال الذي مازلنا عليه حتى يومنا هذا؛ ولا يبدو أن لنا أمل في الخلاص منه في المستقبل القريب
ترك العلم وذهب إلى قرية بها بعض أقاربه ليقضي حياته في اللهو والبطالة. إذا نظرنا لتصرفه هذا لقلنا هذا هو طيش الشباب أو إن عقله مازال كالأطفال، لايطيق قيود التعليم.. ولكن
لكنه يقابل هناك الشيخ "درويش" رجل قد حصل مباديء العلوم ثم عمل في الزراعة كغيره من عامة الناس.. قابل الطفل - الشاب هذا الرجل الذي حاول إغوائه للمطالعة والتعلم. وهنا يروي ما حدث معه يوما بيوم
في أول الأيام طلب الشيخ منه أن يقرأ عليه بعضا من الكتب، لكنه قال له"أني لي أن أفهم ولم أحصل من العلم شيئا؟" فرد عليه"إذا أقرأ معك" وكانت تلك هي البداية.. ظلت نفسه تنازعه يومين حتى أتى الثالث وتعلقت نفسه بالكتب وبالرغبة في الفهم. وهذا ما أريد قوله: أنه داخل كلا منا هذا الطفل- الشاب الذي يريد المعرفة وتنازعه نفسه لللعب والبطالة، فإذا ما جذبت طرف خيط الفضول كرت معك فيه.. لكن هذا لا يصلح سوى فترة من الزمن بعدها قد تزهد النفس المتقلبة الأمر كله.. ولكن
لكنه يصل لليوم السابع حيث يكشف له ذلك الرجل البسيط تلك الحقيقة البسيطة.. أننا لو كان كل هؤلاء الناس مسلمين حقا لما فعلوا كما يفعلون
هنا عرف طريق الحق، ولكنه كان محتاجا للعلم كي يسلكه. وهكذا وقع في الفخ.. وسار في طريق العلم

سؤال الحلقة: عن من نتكلم؟

Tuesday 26 August 2008

على الدرب رفيق

















أعتذر لعدم وجود الصور كاملة عندي، وإن كان في هذا الاختصار الكفاية

Saturday 16 August 2008

ذئاب الزمن الجميل


هذا المقال يحتوي على عادة سيئة نرجو من السادة القراء عدم اتباعها حرصا على المشهد الحضاري، ألا وهي عادتي السيئة في قراءة الصحف المفتوحة بين يدي الركاب بجواري في المترو. ولكني أعترف أنني بهذا السلوك الشائن أجني فوائد كثيرة في ضربة واحدة. فأنا لن أشتري صحيفة مثل "الجمهورية" في كل الأحوال، وكذلك كل ما يتفرع من "دار التحرير"، وبالطبع "الأخبار" في ثوبها المقطقط الجديد. ولكن الفضول- قاتله الله- يدفعني في بعض الأحيان لتصرفات تضر بالصحة وتهدد الحياة؛ كقراءة مقال كامل لـ"أسامة سرايا"-عندي شهود على هذه الواقعة- وكذلك فإنني عن طريق هذه الممارسة المتلصصة أطالع الصفحات الأكثر قراءة من الجمهور
ذات مرة كان الشخص الجالس أمامي يفتح صحيفة الجمهورية. وقد قلب الصفحات كلها ولم أجد فيها ما يشجع على القراءة. سألته لماذا اشتراها من الأصل؟ أجابني بأنها "أخف حاجة". وبهذا توصلت لنظرية "السجائر المقروءة" وهي النظرية التي فسرت لي كثيرًا من الأمور. فكلنا نعلم أن السجائر "بتحرق الصدر"، فكذلك القراءة تفعل الأسوأ و"تحرق العقل" وكلنا يعلم أنه لا يوجد قطع غيار لهذا الجزء من الجسم
عندما طبقت هذه النظرية المباركة على مختلف نواحي وزوايا الحياة – حياتنا – وجدتها تخدم كثيرا سكان العشوائيات( ملاحظة: بالنسبة لسكان القاهرة الكبرى نرجو التنبيه أننا نسكن عشوائية كبيرة.. انتهى)فإذا ما فكرت وتفكرت في تفاصيل حياتك-أو حتى عمومياتها- فربما تفاجأ برائحة شياط تبعث من تحت فروة الرأس. وخصوصا في هذا الموقف المتروهجي -نسبة للمترو- الحار الرطب المشبع بأنفاس وعرق إخوانك في المواطنة، فأنت في حاجة لصنف خفيف لا يعلو بالرأس لمرحلة الاحتراق الذاتي
لكن ليس كل ركاب المترو في وداعة هذا الأخ. فكثيرا ما أقابل هواة صفحة الحوادث، وكذلك هواة صحف الحوادث الهابطة(ملاحظة:كل صحف الحوادث هابطة)ولكن هناك صحف أكثر هبوطا من غيرها. يمكنني كتابة الكثير عن بائعي هذه الصحف داخل المترو وجمل الدعاية وعلاقتها بعالم الدعاية الكبير، وكذلك عن قارئي هذه الصحف وعلاقتهم بعالم المتفرجين الكبير، ولكنني أتوقف عند مرة عادية كنت أتابع فيها صحيفة حكومية عادية في صفحة الحوادث العادية تكتب خبر عادي عن
أربعة من الذئاب البشرية يختطفون طفلة ويتناوبون اغتصابها لمدة ثلاثة أيام
ولأن الحدث ليس بالإثارة الكافية فيضيف المحرر بعض البهارات بأن الشقة التي تمت فيها الجريمة كانت لربة بيت وظلت تتابع العملية بتلذذ غريب، سألت نفسي في البداية من أين عرف سيادته شعورها وهي تتابع العملية
لكن الفكرة التي سيطرت علي هي عند هذه الطفلة-13سنة-التي تم اختطافها من الشارع في سيارة تاكسي. فكرت ما الذي تبقى لها من الحياة. فكرت أنه إذا كان موتها سيكون أقل إيلاما لها مما حدث، فلابد أن تكون العقوبة العادلة من جنس العمل بأن يكون موتهم أقل إيلاما من العقوبة.. بأن تكون عقوبتهم هي حد الحرابة والإفساد في الأرض
فكرت بأن العالم قد صار مكانا لا يحتمل، بأن ابنتك أو أختك الصغيرة لم تعد في أمان، إلا لو عينت لها حارسا خاصا يتبعها كظلها كلما غادرت عتبة المنزل. فكرت بأن العالم قد صار مكانا لا يحتمل أن ما فعلته الدولة(جدعنة منها)في حالة الطفلة التي أنجبت من حادثة مشابهة، لم يتعدى أن (وهبتها) شقة.. أي نوع من التعويض هذا؟!!!.فكرت بأن العالم قد صار مكانا لا يحتمل أننا صرنا نقرأ كل هذا في الصحف ونعتبره نوعا من "الدماغ الخفيفة" التي نقرأها في المترو للتفكير خارج الرطوبة والعرق.. بل ربما نعتبره نوعا من البهارات التي تضيف نكهة على أحداث اليوم المملة
ثم صرفت تفكيري لنقطة أخرى: كلمة"الذئاب البشرية" صك المصطلح نفسه وتكراره يغير من ذهنية الحدث، بحيث يصير تقبل الفعل أكثر سهولة. وهناك نقطة أخرى: الذئاب لا تفعل مثل هذا. كل الموضوع هو تكرار التلاعب بالكلمات.. كما يفعل "سرايا" و"القط"، الفارق الوحيد هو اختلاف الجهة التي يتم التلاعب لصالحها. في هذه الحالة التلاعب يكون من أجل القاريء الذي لا يريد الصحفي أن يخسره بأن يريه الحقيقة كما هي، فقط مجرد استعارة أخرى تقذف ذهنه بعيدا عن الواقع كأنه يهمس له.. هؤلاء ذئاب، هل سبق أن رأيت ذئبًا في الشارع؟ لا.. إذًا أنت في أمان. هذا ما أعنيه بتغيير ذهنية الحدث

أتذكر يوما بعيدا أنشئت فيه هذه المدونة وفكرت في اسم لها فاخترت"ذئب متوحد" للتعبير عن نفسي، ثم أطلقت اسم "ذئاب الجبل" على مجموعة من أصدقائي الذين توسمت فيهم "التذئب". هناك أنواع من الذئاب تعيش في قطعان، ولكن الخروج عن القطيع واختيار طريق متفرد. تحمل الوحشة واحتمال ضلال الطريق.. كل ذلك اعتبرته شجاعة تستحق الإعجاب

لكنني اليوم عندما أنظر لشعار المرحلة الحالية-الصورة الموجودة بالأعلى- أرى صورة أعلى من الشجاعة. في البداية عندما أخترت صورة هذه الفتاة الصغيرة جذبني إليها قدميها. هذان القدمان الكبيران نسبيا، وذلك الحذاء الأولادي.هذه الحالة من السير مثلت لي الاصرار. الملامح الدقيقة التي لا تحمل أي تعبير مثلت لي حالة السيطرة على المشاعر، أيا كان ما بداخلك فلن يظهر على وجهك
الآن حين أنظر ليدها الرقيقة التي لا تملك غيرها لمواجهة هذا العالم الموحش المتوحش.. لابد أن أحسدها على تلك الشجاعة

Monday 4 August 2008

تعاطفا مع عز


أنا مبشتغلش في حديد عز..
لكن فيه كلمة حق لازم تتقال. أنتو متضايقين من الراجل ليه؟
من إحدى وجهات النظر فالراجل معملش أكتر من إنه أنتج منتج ما. المنتج ده فيه غيره في السوق المحلي بينتجه. والشركات في العالم بتنتجه بسعر ممكن يكون أغلى منه.. وبين البايع والشاري.. يفتح الله.
قعدنا نقول احتكار احتكار لحد ما شفنا الاحتكار اللي على أصله مع ممدوح إسماعيل، الراجل كان محتكر البحر الأحمر، على الأقل محدش مات بسبب جودة حديد عز.
هيقول البعض إنه موصلش لشركة الدخيلة إلا بالفساد والإفساد.. طب ما أحنا كلنا عارفين القطاع العام اتباع وبيتباع إزاي.. وليست شركة المراجل منا ببعيد، الناس نشرو في الجرايد تفاصيل تفاصيل عملية إفشال الشركة وتحميلها مديونيات بالعافية عشان يتقال شركة خاسرة وتتباع.. حد اتحرك؟وشفنا شغل لجان تقييم الأراضي حطت أسعار كام فيها-للي ميعرفش القصة السعر المقترح أقل بكتير من تمن سعر أرض الشركة اللي على النيل مباشرة- وفي غيرها لحد ميدان التحرير
هيقول البعض الآخر إنه كان لا مؤخذة درامر(طبال افرنجي يعني) وبعدين بقى ملياردير(يعني مليونير مضروب في ألف)ومش عارف الصراحة إيه الغريب في كده؟ يعني لازم كل واحد ملياردير يكون أبوه ملياردير زيه أو على الأقل مليونير، وجده كذلك.. طب ما هو بالتأكيد-بلاش بالتأكيد خليها غالبا-واحد من أجداده كان فاسد مفسد، إيه العيب إنه هو اللي يفتتح تاريخ العيلة، مش هو ده برضك تشجيع الشباب؟!!ه
برضك هيجي البعض يعيد ويزيد في موضوع لجنة السياسات ويخبط في الحلل العليا. يا ناس حرام عليكم ده حتى ألطف كتير من قوانين شهاب، وبعدين موضوع لجنة السياسات ده بالذات واقف عليه بخسارة.. تقولولي إزاي؟ أقولكم
في كل نظام ديكتاتوري في العالم لابد من وجود واجهات ومنفذين.. الكلام ده مش بس في الدول ده في أي نظام فاسد.. الواجهة بتستحمل كتير من دعا الناس ليل نهار إن ربنا يخرب بيتهم ويكب زيتهم وييتم عيالهم، وبالتأكيد لازم ياخدو اتعاب إنهم يكونو اسفنجة لغضب الجماهير، اللي هيا مبتفكرش ولو للحظة واحدة.. طب مين اللي وصله للمكان الحساس ده وحطه فيه؟!!!!!!!!!!!.. بكره محاولات الاستخفاف بعقول البشر-أو حتى الثدييات العليا- إنه:أصله مش عارف- يبقى أهبل. أو:اللي قاعدين حوليه- يبقى اختياره أهبل، أو:بطانة السوء- يبقو مستهبلينه.. والحمد لله الفضائيات مخلتش. وصلة دش بعشرين جنيه والحاكم يشوف رأي الجماهير فيه وفي رجالته بالصوت والصورة. طبعا هو مش هيخاف من بتوع المصنفات إنهم يقطعو الوصلة، لكن عشان ما يتقطعش عليه الماتش ممكن يجيب دش بالريسيفير بالتقسيط برضك بعشرين جنيه في الشهر، أو يعمل جمعية

أحيانا لما بفكر في اللي ورا الستار بترعب. كأي مواطن عربي أؤمن إيمانا قاطعا إنه لازم فيه حاجة بتتم من ورانا، والسرقة اللي بتحصل من قدامنا بتتعمل عشان تداري على عملية أكبر-زي تجارة المخدرات كده- بترعب من كمية الفلوس اللي بتتسرق-بلاش الواحد يودي نفسه في داهية-كمية الفلوس اللي بتتحول من رصيد لرصيد. لما الواحد يسمع طراطيش كلام-هيا مش طراطيش ولا حاجة هي اتهامات موثقة بتتكب في الجرايد الحكومية و التقارير الحكومية ويناقش بعضها تحت قبة البرطمان بالضبط قبل ما يتحولو لجدول الأعمال- عن أراضي بالكيلومتر في سينا والبحر الأحمر وكل منطقة ممكن يكون ليها مستقبل بتتباع بتراب الفلوس. عن الصفقات الغير مشبوهة لبيع القطاع العام برضك بتراب الفلوس- طبعا هيا غير مشبوهة لأننا متأكدين إننا مسروقين فمفيش شبهة - وفي النهاية واحد ظريف بيستخف دمه افتكر إننا زمان-في بداية قصة الخصخصة- كنا قلنا إننا هنبيع الشركات المتعثرة عشان نطور الغير متعثرة.جه الأخ خفيف الروح بيسأل الحكومة.. هو انتو صرفتو الفلوس فين؟
الأخ ناسي إننا بنكتر كل سنة كام مليون. وبما إن الحكومة قلبها حنين بتعطف ع الناس دي وتديهم مما أعطها الله- زكاة عن عافيتها- وأحنا دونن عن خلق الله بنحب ناكل الفلوس.. بالضبط كده زي ما الأرانب بتموت في الخس أحنا بنموت في طعم الفلوس. تلاقي الواد الصغير ماشي في سوق التلات ماسك في إيد أمه بإيد والتانية ماسك رزمة جنيهات وعمال ينهش، وطبعا كل ما بيكبر بياكل أكتر فميشبعش بعد كده إلا بالعشرات ثم العشرينات لحد ما يوصل للميات- ده طلعو ورقة جديدة بميتين جنيه عشان فجعنة الشعب- من غير ما يفكر في يوم من الأيام إنه يشتغل عشان يصرف على كيف الفلوس
تلاقيه طول النهار قاعد ع القهوة ماسك شيشة وبشرب فيروز تفاح وبيلعب طاولة، وآخر النهار يروح لماما مصر- مبارك، أو مصر- السلام. ويمد إيده.. وهي عشان قلبها أبيض تديه. فيقوم طالع على اقرب غرزة ويديها بانجو وحشيش طول الليل، وبالشكل ده ميعرفش يصحى بدري عشان ينضم لإخوانه الفواعلية اللي قاعدين طول النهار في ميادين العاصمة مستنين أي حد يحملهم بالعربية، ولا حتى يلحق إخوانه اللي طالعين على أول فلوكة لإيطاليا برضك عشان يقعدو في ميادينها أصلها هواية، أو حتى يلحق يقف في أي طابور من طوابير الالتحاق بالعمل ويدفع فلوس الاستمارة ويستنى المكالمة المستحيلة- بلاش تشاؤم خليها شبه المستحيلة- عشان ترد عليه البت الأمورة وتقوله قبلت يا ننوس بس عليك إنك تمضي على طلب استقالة مع توقعيك على عقد العمل، ومش هنختلف في المرتب أنت عارف العمل عبادة. طبعا الواد تحت تأثير إدمانه للفلوس يقبل بكل الأوضاع المهينة.. بس لما يجي آخر الشهر يحسبها يلاقي إنه يدوبك عايش واللي جاي على أد اللي رايح. بس برضك في شباب عترة – رجالتك لسه مامتوش يا مصر – بيعرفو يحوشو متعرفش إزاي. وبعد سنين تبتدي دماغ الواحد فيهم تلعب.. والشيطان يوسوس لهم. ويلعب على غرائزهم الحيوانية وشهواتهم الدنيئة ويسولهم إنهم.. إنهم.. إنهم يتجوزو – أنا مقدر دهشتكم بس والله بتحصل واعرف شباب بيفكرو التفكير ده- فيقوم عامل جمعيات ورا جمعيات وحسبة برمة تنبثق منها حسبة برمة عشان يكتشف إنه ممكن قبل سن اليأس يلحق شقة لقطة في طريق الواحات. يصحى تاني يوم يبص في جرنان اللي راكب جنبه الأتوبيس- عشان هو بيوفر – يلاقي خبر إن سعر الحديد زاد فيكون قدامه حل من اتنين
يا إما يتقبل الأمر الواقع ويصرف نظر عن الموضوع ده.. وبالشكل ده يكون حمى مستقبل البلد
أو ينتحر.. وبالشكل ده يكون حمى الحاضر والمستقبل

عشت لمصر يا زيزو